جلس يتمتم ويكلم نفسه ويداه ترتعشان ( بعد أسبوع سنستلم الراتب شهرين متتابعين ، ويبقى أربعة أشهر حتى إشعار آخر) تنفس الصعداء وأخرج من جوفه نفس عميق كالرعد ، لم يعد يحتمل الديون والجوع يفتك به وبأولاده .. بدأ يصرخ من يشتري مني هذا الوطن وأهله .. إما أهله لا يستحقون الوطن .. وإما الوطن لا يستحق أهله كلهم كلاب مسعورة ونحن كبش الفداء ..
منذ 13 يناير ونحن في حرب وتطاحن وسرقة ونهب وجوع ألا تنبت لنا هذه الأرض غير الشوك وحجر الصوان ..ولايوجد فيها غير الغربان والبوم..
سمع صوتا متقطع يخرج بصعوبة وإذا بها زوجته المسكينة جاءته تزحف على بطنها وتقول : نعم أيها القلب الجريح مات كل شئ جميل بل تم إغتياله وقتله بدم بارد ، وبقي سواد الليل ولصوص وقطاع طرق ، مات الضمير والدين واللإنسانية من قلوبهم ، تموتون من أجل وطن لا ينبت لكم قمحا ولا يزرع لكم وردا ؟!!!
نزلت دموعه كالمطر وقال : كفى يا مريم كفى لقد صرخت قبل لحظات من يشتري مني هذا الوطن الذي يقتلني ويسلبني قوت أولادي بل ويدفن كل تضحياتي وسنين عمري إلى متى سنضحك على أجيالنا بإسم الوطن ونحن منذ 67م نعيش في عصور التخلف والجهل والمرض والتعصب القبلي ؟!!! لماذا تنبت لنا هذه الأرض لصوص وقطاع طرق ، ألا تلد الأمهات إلا هؤلاء ربما أطعمناها من حرام فولدت لنا علي بابا والأربعين حرامي ؟!!
مات علي جاء علي خرج علي هل لعنة اليمن في علي سرمدية ؟!!
خرجت ابنته من غرفتها وصرخت : أبي لا تحزن هذا الوطن كنار جهنم لا يشبع من تضحيات الأوفياء ولكنه لا يتذكرهم أبدا ؟!!
كانت هذه آخر كلماتها ثم سقطت ميتة .. نظر إليها وقد وقف الكلام في حنجرته أما زوجته فقد شهقت شهقة ويدها تمسك بيد ابنتها ..لم يعد يحتمل الأب ما رأى وشاهد وسمع …
أغلق الباب بقوة وخرج للشارع يكلم نفسه يضرب هذا ويسب هذا خرج الشارع وخرج عقله معه وهو يقول : كلهم كلاب مسعورة .. كلهم كلاب مسعورة .
